مشاركة مميزة

حديث ثمانين غاية من صحيح البخاري

بَاب مَا يُحْذَرُ مِنْ الْغَدْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِن...

الأحد، 14 مايو 2017

بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ

3274 حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ
رواه البخاري

فتح الباري شرح صحيح البخاري
الحديث التاسع قوله : ( عن أبي كبشة السلولي ) تقدم ذكره في كتاب الهبة في حديث آخر ، وليس له في البخاري سوى هذين الحديثين .

قوله : ( بلغوا عني ولو آية ) قال المعافى النهرواني في " كتاب الجليس " له الآية في اللغة تطلق على ثلاثة معان : العلامة الفاصلة ، والأعجوبة الحاصلة ، والبلية النازلة . فمن الأول قوله تعالى : آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ومن الثاني إن في ذلك لآية ومن الثالث جعل الأمير فلانا اليوم آية . ويجمع بين هذه المعاني الثلاثة أنه قيل لها آية لدلالتها وفصلها وإبانتها . وقال في الحديث " ولو آية " أي واحدة ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآي ولو قل ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم . اهـ كلامه .

قوله : ( وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم لأنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم ، ثم حصل التوسع في ذلك ، وكأن النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدينية خشية الفتنة ، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار ، وقيل : معنى قوله " لا حرج " : لا تضيق صدوركم بما تسمعونه عنهم من الأعاجيب فإن ذلك وقع لهم كثيرا ، وقيل : لا حرج في أن لا تحدثوا عنهم لأن قوله أولا : " حدثوا " صيغة أمر تقتضي الوجوب فأشار إلى عدم الوجوب وأن الأمر فيه للإباحة بقوله : " ولا حرج " أي في ترك التحديث عنهم . وقيل : المراد رفع الحرج عن حاكي ذلك لما في أخبارهم من الألفاظ الشنيعة نحو قولهم اذهب أنت وربك فقاتلا وقولهم : اجعل لنا إلها وقيل : المراد ببني إسرائيل أولاد إسرائيل نفسه وهم أولاد يعقوب ، والمراد حدثوا عنهم بقصتهم مع أخيهم يوسف ، وهذا أبعد الأوجه .

وقال مالك المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن ، أما ما علم كذبه فلا . وقيل المعنى حدثوا عنهم بمثل ما ورد في القرآن والحديث الصحيح . وقيل المراد جواز التحدث عنهم بأي صورة وقعت من انقطاع أو بلاغ لتعذر الاتصال في التحدث عنهم ، بخلاف الأحكام الإسلامية فإن الأصل في التحدث بها الاتصال ، ولا يتعذر ذلك لقرب العهد . وقال الشافعي : من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحدث بالكذب ، فالمعنى حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه ، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم  وهو نظير قوله : إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ولم يرد الإذن ولا المنع من التحدث بما يقطع بصدقه .

قوله : ( ومن كذب علي متعمدا ) تقدم شرحه مستوفى في كتاب العلم ، وذكرت عدد من رواه وصفة مخارجه بما يغني عن الإعادة . وقد اتفق العلماء على تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه من الكبائر ، حتى بالغ الشيخ أبو محمد الجويني فحكم بكفر من وقع منه ذلك ، وكلام القاضي أبي بكر بن العربي يميل إليه . وجهل من قال من الكرامية وبعض المتزهدة إن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم يجوز فيما يتعلق بتقوية أمر الدين وطريقة أهل السنة والترغيب والترهيب ، واعتلوا بأن الوعيد ورد في حق من كذب عليه لا في الكذب له ، وهو اعتلال باطل ; لأن المراد بالوعيد من نقل عنه الكذب سواء كان له أو عليه ، والدين بحمد الله كامل غير محتاج إلى تقويته بالكذب .

بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ

2669 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
رواه الترمذي

تحفة الأحوذي

قوله : ( حدثنا محمد بن يحيى ) هو الإمام الذهلي ( بلغوا عني ولو آية ) أي ولو كان المبلغ آية قال في اللمعات : الظاهر أن المراد آية القرآن ، أي ولو كانت آية قصيرة من القرآن والقرآن مبلغ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه الجائي به من عند الله ، ويفهم منه تبليغ الحديث بالطريق الأولى ، فإن القرآن مع انتشاره وكثرة حملته وتكفل الله سبحانه بحفظه لما أمرنا بتبليغه . فالحديث أولى ، انتهى . والآية ما وزعت السورة عليها . وقيل المراد بالآية هنا الكلام المفيد نحو : من صمت نجا . والدين النصيحة . أي بلغوا عني أحاديثي لو كانت قليلة . وقيل : المراد من الآية الحكم الموحى إليه -صلى الله عليه وسلم- وهو أعم من المتلوة وغيرها بحكم عموم الوحي الجلي والخفي قلت الظاهر هو الأول ( وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) الحرج الضيق والإثم . قال السيد جمال الدين : ووجه التوفيق بين النهي عن الاشتغال بما جاء عنهم وبين الترخيص المفهوم من هذا الحديث أن المراد بالتحدث هاهنا التحدث بالقصص من الآيات العجيبة ، كحكاية عوج بن عنق ، وقتل بني إسرائيل أنفسهم في توبتهم من عبادة العجل ، وتفصيل القصص المذكورة في القرآن ؛ لأن في ذلك عبرة وموعظة لأولي الألباب وأن المراد بالنهي هناك ، النهي عن نقل أحكام كتبهم ؛ لأن جميع الشرائع والأديان منسوخة بشريعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- ، انتهى .

قال القاري : لكن قال ابن قتيبة : وما روي عن عوج أنه رفع جبلا قدر عسكر موسى -عليه السلام- وهم كانوا ثلاثمائة ألف ليضعه عليهم فنقره هدهد بمنقاره وثقبه ووقع في عنقه ، فكذب لا أصل له . كذا نقله الأبهري ، انتهى . قلت : قال ابن قتيبة الدينوري في كتابه تأويل مختلف الحديث : قالوا رويتم أن عوجا اقتلع جبلا قدره فرسخ في فرسخ على قدر عسكر موسى ، فحمله على رأسه ليطبقه عليهم فصار طوقا في عنقه حتى مات ، وأنه كان يخوض البحر فلا يجاوز ركبتيه وكان يصيد الحيتان من لججه ، ويشويها في عين الشمس ، وأنه لما مات وقع على نيل مصر فجسر للناس سنة أي صار جسرا لهم يعبرون عليه من جانب إلى جانب وأن طول موسى -عليه السلام- كان عشرة أذرع ، وطول عصاه عشرة ، ووثب عشرا ، ليضربه فلم يبلغ عرقوبه ، قالوا : وهذا كذب بين لا يخفى على عاقل ولا على جاهل ، وكيف صار في زمن موسى -عليه السلام- من خالف أهل الزمان هذه المخالفة ؟ وكيف يجوز أن يكون من ولد آدم من يكون بينه وبين آدم هذا التفاوت ؟ وكيف يطيق آدمي حمل جبل على رأسه قدره فرسخ في فرسخ ؟ قال ابن قتيبة ونحن نقول : أن هذا حديث لم يأت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن صحابته ، وإنما هو خبر من الأخبار القديمة التي يرويها أهل الكتاب . سمعه قوم منهم على قديم الأيام فتحدثوا به انتهى .

قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والبخاري .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق