مشاركة مميزة

حديث ثمانين غاية من صحيح البخاري

بَاب مَا يُحْذَرُ مِنْ الْغَدْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِن...

الخميس، 19 أكتوبر 2017

بيان اختلاف الأوراد باختلاف الأحوال


اعلم أن المريد لحرث الآخرة السالك لطريقها لا يخلو عن ستة أحوال فإنه: إما عابد وإما عالم وإما متعلم وإما وال وإما محترف وإما موحد مستغرق بالواحد الصمد عن غيره الأول العابد: وهو المتجرد للعبادة الذي لا شغل له غيرها أصلاً ولو ترك العبادة لجلس بطالاً فترتيب أوراده ما ذكرناه، نعم لا يبعد أن تختلف وظائفه بأن يستغرق أكثر أوقاته إما في الصلاة أو القراءة أو التسبيحات فقد كان في الصحابة رضي الله عنهم من ورده في اليوم اثنا عشر ألف تسبيحة. وكان فيهم من ورده ثلاثون ألفاً. وكان فيهم من ورده ثلثمائة ركعة إلى ستمائة وإلى ألف ركعة. وأقل ما نقل في أورادهم من الصلاة مائة ركعة في اليوم والليلة. وكان بعضهم أكثر ورده القرآن وكان يختم الواحد منهم في اليوم مرة وروى مرتين عن بعضهم: وكان بعضهم يقضي اليوم أو الليل في التفكر في آية واحدة يرددها. وكان كرز بن وبرة مقيماً بمكة فكان يطوف في كل يوم سبعين أسبوعاً وفي كل ليلة سبعين أسبوعاً وكان مع ذلك يختم القرآن في اليوم والليلة مرتين. فحسب ذلك فكان عشرة فراسخ ويكون مع كل أسبوع ركعتان فهو مائتان وثمانون ركعة ةختمتان وعشرة فراسخ. فإن قلت: فما الأولى أن يصرف إليه أكثر الأوقات من هذه الأوراد فاعلم أن قراءة القرآن في الصلاة قائماً مع التدبر يجمع الجميع ولكن ربما تعسر المواظبة عليه فالأفضل يختلف باختلاف حال الشخص ومقصود الأوراد تزكية القلب وتطهيره وتحليته بذكر الله تعالى وإيناسه به فلينظر المريد إلى قلبه فما يراه أشد تأثيراً فيه فليواظب عليه. فإذا أحس بملالة منه فلينتقل إلى غيره ولذلك نرى الأصوب لأكثر الخلق توزيع هذه الخيرات المختلفة على الأوقات - كما سبق - والانتقال فيها من نوع إلى نوع لأن الملال هو الغالب على الطبع وأحوال الشخص الواحد في ذلك أيضاً تختلف. ولكن إذا فهم فقه الأوراد وسرها فليتبع المعنى فإن سمع تسبيحة مثلاً وأحس لها بوقع قلبه فليواظب على تكرارها مادام يجد لها وقعاً. وقد روي عن إبراهيم بن أدهم عن بعض الأبدال أنه قام ذات ليلة يصلي على شاطىء البحر فسمع صوتاً عالياً بالتسبيح ولم ير أحداً فقال من أنت أسمع صوتك ولا أرى شخصك؟ فقال: أنا ملك من الملائكة موكل بهذا البحر أسبح الله تعالى بهذا التسبيح منذ خلقت قلت: فما اسمك؟ قال: مهلهيائيل قلت: فما ثواب من قاله؟ قال: من قاله مائة مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له. والتسبيح هو قوله " سبحان الله العي الديان سبحان الله الشديد الأركان سبحان من يذهب بالليل ويأتي بالنهار سبحان من لا يشغله شأن عن شأن سبحان الله الحنان المنان سبحان الله المسبح في كل مكان " فهذا وأمثاله إذا سمعه المريد ووجد له في قلبه وقعاً فيلازمه. وأياً ما وجد القلب عنده وفتح له فيه خير فليواظب عليه الثاني العالم الذي ينفع الناس بعلمه في فتوى أو تدريس أو تصنيف فترتيبه الأوراد يخالف ترتيب العابد؛ فإنه يحتاج إلى المطالعة للكتب وإلى التصنيف والإفادة، ويحتاج إلى مدة لها لا محالة فإن أمكنه استغراق الأوقات فيه فهو أفضل ما يشتغل به بعد المكتوبات ورواتبها. ويدل على ذلك جميع ما ذكرناه في فضيلة التعليم والتعلم في كتاب العلم. وكيف لا يكون كذلك وفي العلم المواظبة على ذكر الله تعالى؟ وتأمل ما قال الله تعالى وقال رسوله. وفيه منفعة الخلق وهدايتهم إلى طريق الآخرة ورب مسألة واحدة يتعلمها المتعلم فيصلح بها عبادة عمره ولو لم يتعلمها لكان سعيه ضائعاً. وإنما نعني بالعلم المقدم على العبادة العلم الذي يرغب الناس في الآخرة ويزهدهم في الدنيا أو العلم الذي يعينهم على سلوك طريق الآخرة إذا تعلموه على قصد الاستعانة به على السلوك " دون العلوم التي تزيد بها الرغبة في المال والجاه وقبول الخلق والأولى بالعالم أن يقسم أوقاته أيضاً فإن استغراق الأوقات في ترتيب العلم لا يحتمله الطبع. فينبغي أن يخصص ما بعد الصبح إلى طلوع الشمس بالأذكار والأوراد كما ذكرناه في الورد الأول. وبعد الطلوع إلى ضحوة النهار في الإفادة والتعليم إن كان عنده من يستفيد علماً لأجل الآخرة، وإن لم يكن فيصرفه إلى الفكر ويتفكر فيما يشكل عليه من علوم الدين فإن صفاء القلب بعد
 الفراغ  من الذكر وقبل الاشتغال بهموم الدنيا يعين على التفطن للمشكلات. ومن ضحوة النهار إلى العصر للتصنيف والمطالعة لا يتركها إلا في وقت أكل وطهارة ومكتوبة وقيلولة خفيفة إن طال النهار. ومن العصر إلى الاصفرار يشتغل بسماع ما يقرأ بين يديه من تفسير أو حديث أو علم نافع. ومن الاصفرار إلى الغروب يشتغل بالذكر والاستغفار والتسبيح فيكون ورده الأول قبل طلوع الشمس في عمل اللسان. وورده الثاني في عمل القلب بالفكر إلى الضحوة. وورده الثالث إلى العصر في عمل العين واليد بالمطالعة والكتابة. وورده الرابع بعد العصر في عمل السمع ليروح فيه العين واليد فإن المطالعة والكتابة بعد العصر ربما أضر بالعين. وعند الاصفرار يعود إلى ذكر اللسان فلا يخلو جزء من النهار عن عمل له بالجوارح مع حضور القلب في الجميع. وأما الليل فأحسن قسم فيه قسمة الشافعي رضي الله عنه إذ كان يقسم الليل ثلاثة أجزاء: ثلثاً للمطالعة وترتيب العلم وهو الأول وثلثاً للصلاة وهو الوسط وثلثاً للنوم وهو الأخير. وهذا يتيسر في ليالي الشتاء، والصيف ربما لا يحتمل ذلك إلا إذا كان أكثر النوم بالنهار فهذا ما نستحبه من ترتيب أوراد العالم الثالث المتعلم: والاشتغال بالتعلم أفضل من الاشتغال بالأذكار والنوافل فحكمه حكم العالم في ترتيب الأوراد ولكن يشتغل بالاستفادة حيث يشتغل العالم بالإفادة وبالتعليق والنسخ حيث يشتغل العالم بالتصنيف ويرتب أوقاته كما ذكرنا. وكل ما ذكرناه في فضيلة التعلم والعلم من كتاب العلم يدل على أن ذلك أفضل. بل إن لم يكن متعلماً على معنى أنه يعلق ويحصل ليصير عالماً. بل كان من العوام فحضوره مجالس الذكر والوعظ والعلم أفضل من اشتغاله بالأوراد التي ذكرناها بعد الصبح وبعد الطلوع وفي سائر الأوقات. ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه " أن حضور مجلس ذكر أفضل من صلاة ألف ركعة وشهود ألف جنازة وعيادة ألف مريض " وقال رضي الله عنه " إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا فيها فقيل يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر " وقال كعب الأحبار رضي الله عنه: لو أن ثواب مجالس العلماء بدا للناس لاقتتلوا عليه حتى يترك كل ذي إمارة إمارته وكل ذي سوق سوقه. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الرجل ليخرج من منزله وعليه من الذنوب مثل جبال تهامة، فإذا سمع العالم خاف واسترجع عن ذنوبه وانصرف إلى منزله وليس عليه ذنب، فلا تفارقوا مجالس العلماء فإن الله عز وجل لم يخلق على وجه الأرض تربة أكرم من مجالس العلماء. وقال رجل للحسن رحمه الله أشكو إليك قساوة قلبي فقال: أدنه من مجالس الذكر. والمطالعة لا يتركها إلا في وقت أكل وطهارة ومكتوبة وقيلولة خفيفة إن طال النهار. ومن العصر إلى الاصفرار يشتغل بسماع ما يقرأ بين يديه من تفسير أو حديث أو علم نافع. ومن الاصفرار إلى الغروب يشتغل بالذكر والاستغفار والتسبيح فيكون ورده الأول قبل طلوع الشمس في عمل اللسان. وورده الثاني في عمل القلب بالفكر إلى الضحوة. وورده الثالث إلى العصر في عمل العين واليد بالمطالعة والكتابة. وورده الرابع بعد العصر في عمل السمع ليروح فيه العين واليد فإن المطالعة والكتابة بعد العصر ربما أضر بالعين. وعند الاصفرار يعود إلى ذكر اللسان فلا يخلو جزء من النهار عن عمل له بالجوارح مع حضور القلب في الجميع. وأما الليل فأحسن قسم فيه قسمة الشافعي رضي الله عنه إذ كان يقسم الليل ثلاثة أجزاء: ثلثاً للمطالعة وترتيب العلم وهو الأول وثلثاً للصلاة وهو الوسط وثلثاً للنوم وهو الأخير. وهذا يتيسر في ليالي الشتاء، والصيف ربما لا يحتمل ذلك إلا إذا كان أكثر النوم بالنهار فهذا ما نستحبه من ترتيب أوراد العالم الثالث المتعلم: والاشتغال بالتعلم أفضل من الاشتغال بالأذكار والنوافل فحكمه حكم العالم في ترتيب الأوراد ولكن يشتغل بالاستفادة حيث يشتغل العالم بالإفادة وبالتعليق والنسخ حيث يشتغل العالم بالتصنيف ويرتب أوقاته كما ذكرنا. وكل ما ذكرناه في فضيلة التعلم والعلم من كتاب العلم يدل على أن ذلك أفضل. بل إن لم يكن متعلماً على معنى أنه يعلق ويحصل ليصير عالماً. بل كان من العوام فحضوره مجالس الذكر والوعظ والعلم أفضل من اشتغاله بالأوراد التي ذكرناها بعد الصبح وبعد الطلوع وفي سائر الأوقات. ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه " أن حضور مجلس ذكر أفضل من صلاة ألف ركعة وشهود ألف جنازة وعيادة ألف مريض " وقال رضي الله عنه " إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا فيها فقيل يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر " وقال كعب الأحبار رضي الله عنه: لو أن ثواب مجالس العلماء بدا للناس لاقتتلوا عليه حتى يترك كل ذي إمارة إمارته وكل ذي سوق سوقه. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الرجل ليخرج من منزله وعليه من الذنوب مثل جبال تهامة، فإذا سمع العالم خاف واسترجع عن ذنوبه وانصرف إلى منزله وليس عليه ذنب، فلا تفارقوا مجالس العلماء فإن الله عز وجل لم يخلق على وجه الأرض تربة أكرم من مجالس العلماء. وقال رجل للحسن رحمه الله أشكو إليك قساوة قلبي فقال: أدنه من مجالس الذكر.
ورأى عمار الزاهدي مسكينة الطفاوية في المنام وكانت من المواظبات على حلق الذكر فقال: مرحباً يا مسكينة فقالت: هيهات هيهات ذهبت المسكينة وجاء الغنى! فقال: هيه! فقالت: ما تسأل عمن أبيح لها الجنة بحذافيرها؟ قال: وبم ذلك؟ قالت: بمجالسة أهل الذكر. وعلى الجملة فما ينجل عن القلب من عقد حب الدنيا بقول واعظ حسن الكلام زكي السيرة أشرف وأنفع من ركعات كثيرة مع اشتمال القلب على حب الدنيا الرابع المحترف الذي يحتاج إلى الكسب لعياله فليس له أن يضيع العيال ويستغرق الأوقات في العبادات بل ورده في وقت الصناعة حضور السوق والاشتغال بالكسب ولكن ينبغي أن لا ينسى ذكر الله تعالى في صناعته بل يواظب على التسبيحات الأذكار وقراءة القرآن فإن ذلك يمكن أن يجمع إلى العمل. وإنما لا يتيسر مع العمل الصلاة إلا أن يكون ناظوراً فإنه لا يعجز عن إقامة أوراد الصلاة معه. ثم مهما فرغ من كفايته ينبغي أن يعود إلى ترتيب الأوراد. وإن داود على الكسب وتصدق بما فضل عن حاجته فهو أفضل من سائر الأوراد التي ذكرناها لأن العبادات المتعدية فائدتها أنفع من اللازمة والصدقة والكسب على هذه النية عبادة له في نفسه تقربه إلى الله تعالى ثم يحصل به فائدة للغير وتتجذب إليه بركات دعوات المسلمين ويتضاعف به الأجر الخامس الوالي: مثل الإمام والقاضي والمتولي في أمور المسلمين فقيامه بحاجات المسلمين وأغراضهم على وفق الشرع وقصد الإخلاص أفضل من الأوراد المذكورة فحقه أن يشتغل بحقوق الناس نهاراً ويقتصر على المكتوبة ويقيم الأوراد المذكورة بالليل، كما كان عمر رضي الله عنه يفعله إذ قال: مالي وللنوم فلو نمت بالنهار ضيعت المسلمين ولو نمت بالليل ضيعت نفسي. وقد فهمت بما ذكرناه أنه يقدم على العبادات البدنية أمران أحدهما: العلم، والآخر: الرفق بالمسلمين، لأن كل واحد من العلم وفعل المعروف عمل في نفسه وعبادة تفضل سائر العبادات يتعدى فائدته وانتشار جدواه فكانا مقدمين عليه السادس الموحد المستغرق بالواحد الصمد الذي أصبح وهمومه هم واحد فلا يحب إلا الله تعالى ولا يخاف إلا منه ولا يتوقع الرزق من غيره ولا ينظر في شيء إلا ويرى الله تعالى فيه. فمن ارتفعت رتبته إلى هذه الدرجة لم يفتقر إلى تنويع الأوراد واختلافها بل كان ورده بعد المكتوبات واحد وهو حضور القلب مع الله تعالى في كل حال، فلا يخطر بقلوبهم أمر ولا يقرع سمعهم قارع ولا يلوح لأبصارهم لائح إلا كان لهم فيه عبرة وفكر ومزيد، فلا محرك لهم ولا مسكن إلا الله عز وجل كما قال تعالى " لعلكم تذكرون ففروا إلى الله " وتحقق فيها قوله تعالى " وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته " وإليه الإشارة بقوله " إني ذاهب إلى ربي سيهدين " وهذه منتهى درجات الصديقين ولا وصول إليها إلا بعد ترتيب الأوراد والمواظبة عليها دهراً طويلاً فلا ينبغي أن يغتر المريد بما سمعه من ذلك فيدعيه لنفسه ويفتر عن وظائف عبادته فذلك علامته أن لا يهجس في قلبه وسواس ولا يخطر في قلبه معصية ولا تزعجه هواجم الأهوال ولا تستفزه عظائم الأشغال. وأنى ترزق هذه الرتبة لكل أحد. فيتعين على الكافة ترتيب الأوراد كما ذكرناه وجميع ما ذكرناه طرق إلى الله تعالى قال تعالى " قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً " فكلهم مهتدون وبعضهم أهدى من بعض. وفي الخبر " الإيمان ثلاث وثلاثون وثلثمائة طريقة من لقي الله تعالى على طريق منها دخل الجنة " وقال بعض العلماء: الإيمان ثلثمائة وثلاثة عشر خلقاً بعدد الرسل فكل مؤمن على خلق منها فهو سالك الطريق إلى الله. فإذن الناس وإن اختلفت طرقهم في العبادة فكلهم على الصواب " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب " وإنما يتفاوتون في درجات القرب لا في أصله، وأقربهم إلى الله تعالى أعرفهم به، وأعرفهم به لابد وأن يكون أعبدهم له؛ فمن عرفه لم يعبد غيره. والأصل في الأوراد في حق كل صنف من الناس المداومة فإن المراد منه تغيير الصفات الباطنة. وآحاد الأعمال يقل آثارها بل لا يحس بآثارها وإنما يترتب الأثر على المجموع فإذا لم يعقب العمل الواحد أثراً محسوساً ولم يردف بثان وثالث على القرب انمحى الأثر الأول وكان كالفقيه يريد أن يكون فقيه النفس فإنه لا يصير فقيه النفس إلا بتكرار كثير؛ فلو بالغ ليلة في التكرار وترك شهراً أو أسبوعاً ثم عاد وبالغ ليلة لم يؤثر هذا فيه. ولو وزع ذلك القدر على الليالي المتواصلة لأثر فيه. ولهذا السر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل " . وسئلت عائشة رضي الله عنها عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: " كان عمله ديمة وكان إذا عمل عملاً أثبته " ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " من عوده الله عبادة فتركها ملالة مقته الله " وهذا كان السبب في صلاة بعد العصر تداركاً لما فاته من ركعتين شغله عنهما الوفد ثم لم يزل بعد ذلك يصليهما بعد العصر ولكن في منزله لا في المسجد كيلا يقتدى به روته عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما. فإن قلت: فهل لغيره أن يقتدي به في ذلك مع أن الوقت وقت كراهية؟ فاعلم أن المعاني الثلاثة التي ذكرناها في الكراهية من الاحتراز عن التشبه بعبدة الشمس أو السجود وقت ظهور قرن الشيطان أو الاستراحة عن العبادة حذراً من الملال لا يتحقق في حقه فلا يقاس عليه في ذلك غيره. ويشهد لذلك فعله في المنزل حتى لا يقتدى به صلى الله عليه وسلم.يلة في التكرار وترك شهراً أو أسبوعاً ثم عاد وبالغ ليلة لم يؤثر هذا فيه. ولو وزع ذلك القدر على الليالي المتواصلة لأثر فيه. ولهذا السر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل " . وسئلت عائشة رضي الله عنها عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: " كان عمله ديمة وكان إذا عمل عملاً أثبته " ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " من عوده الله عبادة فتركها ملالة مقته الله " وهذا كان السبب في صلاة بعد العصر تداركاً لما فاته من ركعتين شغله عنهما الوفد ثم لم يزل بعد ذلك يصليهما بعد العصر ولكن في منزله لا في المسجد كيلا يقتدى به روته عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما. فإن قلت: فهل لغيره أن يقتدي به في ذلك مع أن الوقت وقت كراهية؟ فاعلم أن المعاني الثلاثة التي ذكرناها في الكراهية من الاحتراز عن التشبه بعبدة الشمس أو السجود وقت ظهور قرن الشيطان أو الاستراحة عن العبادة حذراً من الملال لا يتحقق في حقه فلا يقاس عليه في ذلك غيره. ويشهد لذلك فعله في المنزل حتى لا يقتدى به صلى الله عليه وسلم.
من إحياء علوم الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق