مشاركة مميزة

حديث ثمانين غاية من صحيح البخاري

بَاب مَا يُحْذَرُ مِنْ الْغَدْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِن...

الخميس، 2 مارس 2017

الحجر الأسود

باب ما جاء في فضل الحجر الأسود والركن والمقام

877 حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم قال وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن صحيح

تحفة الأحوذي
قوله : ( وهو أشد بياضا من اللبن ) جملة حالية ( فسودته خطايا بني آدم ) قال في المرقاة : أي صارت ذنوب بني آدم الذين يمسحون الحجر سببا لسواده ، والأظهر حمل الحديث على حقيقته إذ لا مانع نقلا ولا عقلا . وقال بعض الشراح من علمائنا يعني الحنفية : هذا الحديث يحتمل أن يراد به المبالغة في تعظيم شأن الحجر وتفظيع أمر الخطايا والذنوب ، والمعنى أن الحجر لما فيه من الشرف والكرامة واليمن والبركة شارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها ، وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض منه أسود فكيف بقلوبهم ، أو لأنه من حيث إنه مكفر للخطايا محاء للذنوب كأنه من الجنة ، ومن كثرة تحمله أوزار بني آدم صار كأنه ذو بياض شديد فسودته الخطايا ومما يؤيد هذا أنه كان فيه نقط بيض ثم لا زال السواد فتراكم عليها حتى عمها .

وفي الحديث : إذا أذنب العبد نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا أذنب نكتت فيه نكتة أخرى وهكذا حتى يسود قلبه جميعه ويصير ممن قال فيهم كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون والحاصل أن الحجر بمنزلة المرآة البيضاء في غاية من الصفاء ويتغير بملاقاة ما لا يناسبه من الأشياء حتى يسود لها جميع الأجزاء وفي الجملة الصحبة لها تأثير بإجماع العقلاء ، انتهى كلام القاري .

قال الحافظ ابن حجر : واعترض بعض الملحدين على هذا الحديث فقال كيف سودته خطايا المشركين ولم تبيضه طاعات أهل التوحيد؟ وأجيب بما قال ابن قتيبة : لو شاء الله لكان ذلك وإنما أجرى الله العادة بأن السواد يصبغ ولا ينصبغ على العكس من البياض . وقال المحب الطبري : في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة . فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد ، قال وروي عن ابن عباس إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة فإن ثبت فهذا هو الجواب . قال الحافظ ابن حجر : أخرجه الحميدي في فضائل مكة بإسناد ضعيف ، انتهى .

[ ص: 526 ] قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن عمرو ) أخرجه الترمذي في هذا الباب وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان وسيجيء الكلام عليه ( وأبي هريرة ) أخرجه ابن ماجه عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " من فاوض الحجر الأسود فكأنما يفاوض يد الرحمن " . وفي فضائل مكة للجندي من حديث ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس : إن هذا الركن الأسود هو يمين الله في الأرض يصافح به عباده مصافحة الرجل أخاه . ومن حديث الحكم بن أبان عن عكرمة عنه زيادة فمن لم يدرك بيعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم استلم الحجر فقد بايع الله ورسوله . وقال المحب الطبري : والمعنى كونه يمين الله -والله أعلم- كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه ، ولما كان الحاج والمعتمر أول ما يقدمان يسن لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك يده ولله المثل الأعلى ، ولذلك من صافحه كان عند الله عهد كما أن الملك يعطي العهد بالمصافحة ، كذا في عمدة القاري .

واعلم أن لابن عباس حديثا آخر في فضل الحجر الأسود عند الترمذي رواه في أواخر كتاب الحج مرفوعا بلفظ : والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان إلخ .

قوله : ( حديث ابن عباس حديث حسن صحيح ) قال الحافظ في الفتح : وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق لكنه اختلط وجرير ممن سمع منه بعد اختلاطه لكن له طريق أخرى في صحيح ابن خزيمة فيقوى بها وقد رواه النسائي من طريق حماد بن سلمة عن عطاء مختصرا ولفظه : الحجر الأسود من الجنة ، وحماد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط . وفي صحيح ابن خزيمة أيضا عن ابن عباس مرفوعا : إن لهذا الحجر لسانا وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحق ، وصححه أيضا ابن حبان والحاكم وله شاهد من حديث أنس عند الحاكم أيضا ، انتهى ما في الفتح .

[ص: 292] باب ما جاء في استلام الركنين

959 حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن ابن عبيد بن عمير عن أبيه أن ابن عمر كان يزاحم على الركنين زحاما ما رأيت أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعله فقلت يا أبا عبد الرحمن إنك تزاحم على الركنين زحاما ما رأيت أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يزاحم عليه فقال إن أفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن مسحهما كفارة للخطايا وسمعته يقول من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة وسمعته يقول لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه خطيئة وكتب له بها حسنة قال أبو عيسى وروى حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن ابن عبيد بن عمير عن ابن عمر نحوه ولم يذكر فيه عن أبيه قال أبو عيسى هذا حديث حسن

تحفة الأحوذي
قوله : ( عن ابن عبيد ) بالتصغير اسمه عبد الله ثقة من الثالثة ( بن عمير ) بالتصغير أيضا ( عن أبيه ) عبيد بن عمير يكنى أبا عاصم الليثي الحجازي قاضي أهل مكة ، ولد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال رآه ، وهو معدود في كبار التابعين مات قبل ابن عمر رضي الله عنه .

قوله : ( أن ابن عمر كان يزاحم ) أي يغالب الناس ( على الركنين ) أي الحجر الأسود والركن اليماني ( زحاما ) قال الطيبي أي زحاما عظيما ، وهو يحتمل أن يكون في جميع الأشواط ، أو في أوله وآخره فإنهما آكد أحوالها وقد قال الشافعي في الأم : ولا أحب الزحام في الاستلام إلا في بدء الطواف وآخره لكن المراد ازدحام لا يحصل فيه أذى للأنام لقوله عليه الصلاة والسلام لعمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر رواه الشافعي وأحمد ( يزاحم عليه ) أي على ما ذكر أو على كل واحد ، وقد جاء أنه ربما دمي أنفه من شدة تزاحمه وكأنهم تركوه لما يترتب عليه من الأذى ، فالاقتداء بفعلهم سيما هذا الزمان أولى قاله القاري في المرقاة قلت : روى سعيد بن منصور من طريق القاسم بن محمد قال رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتى يدمى ، ومن طريق أخرى أنه قيل له في ذلك فقال هوت الأفئدة إليه فأريد أن يكون فؤادي معهم ، وروى الفاكهي من طرق عن ابن عباس كراهة المزاحمة وقال : لا يؤذي . كذا في فتح الباري ( إن أفعل ) أي هذا الزحام فلا ألام ، فإن شرطية والجزاء مقدر ودليل الجواب قوله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ قاله القاري ، وقال الشيخ عبد الحق في اللمعات أي إن أزاحم فلا تنكروا علي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل استلامهما فإني لا أطيق الصبر عنه [ ص: 29 ] ( وسمعته ) أي : رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ( سبوعا ) كذا وقع في النسخ الموجودة بلا ألف ، ووقع في المشكاة أسبوعا بالألف ، قال في المجمع : طاف أسبوعا أي سبع مرات ، والأسبوع الأيام السبعة ، وسبوع بلا ألف لغة انتهى ، وقال القاري : أي سبعة أشواط كما في رواية ( فأحصاه ) قال السيوطي أي لم يأت فيه بزيادة أو نقص ، وقال القاري بأن يكمله ويراعي ما يعتبر في الطواف من الشروط والآداب ( لا يضع ) أي الطائف ( إلا حط الله عنه بها ) أي إلا وضع الله ، ومحا عن الطائف بكل قدم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق