مشاركة مميزة

حديث ثمانين غاية من صحيح البخاري

بَاب مَا يُحْذَرُ مِنْ الْغَدْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِن...

السبت، 1 أبريل 2017

أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام أَحْرَقَ نَاسًا ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الْحُدُود بَاب الْحُكْمِ فِيمَنْ ارْتَدَّ

4351 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام أَحْرَقَ نَاسًا ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ لِأُحْرِقَهُمْ بِالنَّارِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ وَكُنْتُ قَاتِلَهُمْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ وَيْحَ ابْنِ عَبَّاس
رواه ابو داود

عون المعبود
أول كتاب الحدود

جمع حد وهو الحاجز بين الشيئين يمنع اختلاط أحدهما بالآخر ، وحد الزنا والخمر سمي به لكونه مانعا لمتعاطيه عن معاودة مثله مانعا لغيره أن يسلك مسلكه . قاله القسطلاني .

( أن عليا ) : هو ابن أبي طالب ( أحرق ناسا ارتدوا عن الإسلام ) : وعند الإسماعيلي من حديث عكرمة أن عليا أتي بقوم قد ارتدوا عن الإسلام أو قال بزنادقة ومعهم كتب لهم فأمر بنار فأنضجت ورماهم فيها ( فبلغ ذلك ) : أي الإحراق ابن عباس وكان حينئذ أميرا على البصرة من قبل علي رضي الله عنه . قاله الحافظ ( وكنت ) : عطف على لم أكن ( قاتلهم ) : أي المرتدين عن الإسلام ( فبلغ ذلك ) : أي قول ابن عباس رضي الله عنه ( فقال ) : أي علي ( ويح ابن عباس ) : وفي بعض النسخ أم ابن عباس بزيادة لفظ أم ، وفي [ ص: 4 ] نسخة ابن أم عباس بزيادة لفظ أم بين لفظ ابن وعباس ، والظاهر أنه سهو من الكاتب . قال الحافظ في الفتح : زاد إسماعيل بن علية في روايته فبلغ ذلك عليا فقال ويح أم ابن عباس ، كذا عند أبي داود ، وعند الدارقطني بحذف أم وهو محتمل أنه لم يرض بما اعترض به ورأى أن النهي للتنزيه ، وهذا بناء على تفسير ويح بأنها كلمة رحمة فتوجع له لكونه حمل النهي على ظاهره فاعتقد التحريم مطلقا فأنكر ، ويحتمل أن يكون قالها رضا بما قال ، وأنه حفظ ما نسيه بناء على أحد ما قيل في تفسير ويح إنها تقال بمعنى المدح والتعجب كما حكاه في النهاية ، وكأنه أخذه من قول الخليل هي في موضع رأفة واستملاح كقولك للصبي ويحه ما أحسنه انتهى .

وقال القاري : وأكثر أهل العلم على أن هذا القول ورد مورد المدح والإعجاب بقوله ، وينصره ما جاء في رواية أخرى عن شرح السنة فبلغ ذلك عليا فقال صدق ابن عباس رضي الله عنه انتهى .

وقال الخطابي : لفظه لفظ الدعاء عليه ، ومعناه المدح له والإعجاب بقوله ، وهذا كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبي بصير ويل أمه مسعر حرب انتهى .

والحديث استدل به على قتل المرتدة كالمرتد ، وخصه الحنفية بالذكر وتمسكوا بحديث النهي عن قتل النساء ، وحمل الجمهور النهي على الكافرة الأصلية إذا لم تباشر القتال ولا القتل لقوله في بعض طرق حديث النهي عن قتل النساء لما رأى المرأة مقتولة ما كانت هذه لتقاتل ثم نهى عن قتل النساء وقد وقع في حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلى اليمن قال له أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فإن عاد وإلا فاضرب عنقه ، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها فإن عادت وإلا فاضرب عنقها وسنده حسن ، وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه كذا في فتح الباري .

قال المنذري : وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه مختصرا ومطولا .

فتح الباري شرح صحيح البخاري
قوله : ( عن أيوب ) صرح الحميدي عن سفيان بتحديث أيوب له به .

قوله : ( إن عليا حرق قوما ) في رواية الحميدي المذكورة " أن عليا أحرق المرتدين " يعني الزنادقة . وفي رواية ابن أبي عمر ومحمد بن عباد عند الإسماعيلي جميعا عن سفيان قال " رأيت عمرو بن دينار وأيوب وعمارا الدهني اجتمعوا فتذكروا الذين حرقهم علي ، فقال أيوب " فذكر الحديث " فقال عمار لم يحرقهم ، ولكن حفر لهم حفائر وخرق بعضها إلى بعض ، ثم دخن عليهم ، فقال عمرو بن دينار قال الشاعر :
لترم بي المنايا حيث شاءت إذا لم ترم بي في الحفرتين     إذا ما أججوا حطبا ونارا هناك الموت نقدا غير دين انتهى . وكأن عمرو بن دينار أراد بذلك الرد على عمار الدهني في إنكاره أصل التحريق . ثم وجدت في الجزء الثالث من حديث أبي طاهر المخلص " حدثنا لوين حدثنا سفيان بن عيينة " فذكره عن أيوب وحده ، ثم أورده عن عمار وحده ، قال ابن عيينة : فذكرته لعمرو بن دينار فأنكره وقال " فأين قوله : أوقدت ناري ودعوت قنبرا " فظهر بهذا صحة ما كنت ظننته ، وسيأتي للمصنف في استتابة المرتدين في آخر الحدود من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال " أتي علي بزنادقة فأحرقهم " ولأحمد من هذا الوجه " أن عليا أتي بقوم من هؤلاء الزنادقة ومعهم كتب ، فأمر بنار فأججت ثم أحرقهم وكتبهم " وروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الرحمن بن عبيد عن أبيه قال " كان ناس يعبدون الأصنام في السر ويأخذون العطاء ، فأتى بهم علي فوضعهم في السجن واستشار الناس ، فقالوا : اقتلهم ، فقال : لا بل أصنع بهم كما صنع بأبينا إبراهيم ، فحرقهم بالنار " .

قوله : ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تعذبوا بعذاب الله ) هذا أصرح في النهي من الذي قبله ، وزاد أحمد وأبو داود والنسائي من وجه آخر عن أيوب في آخره " فبلغ ذلك عليا فقال : ويح ابن عباس " وسيأتي الكلام على قوله " من بدل دينه فاقتلوه " في استتابة المرتدين إن شاء الله تعالى . ٍ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق